قوله عز وجل: {حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته} أي بينت وميزت وجعلت معاني مختلفة من أحكام وأمثال ومواعظ ووعد ووعيد {قرآناً عربياً} أي باللسان العربي {لقوم يعلمون} أي إنما أنزلناه على العرب بلغتهم ليفهموا منه والمراد ولو كان بغير لسانهم ما فهموه {بشيراً ونذيراً} نعتان للقرآن أي بشيراً لأولياء الله بالثواب ونذيراً لأعدائه بالعقاب {فأعرض أكثرهم} أي عنه {فهم لا يسمعون} أي لا يصغون إليه تكبراً {وقالوا} يعني مشركي مكة {قلوبنا في أكنة} أي أغطية {مما تدعونا إليه} أي فلا نفقه ما تقول {وفي آذاننا وقر} أي صمم فلا نسمع ما تقول والمعنى أنا في ترك القبول منك بمنزلة من لا يفهم ولا يسمع {ومن بيننا وبينك حجاب} أي خلاف في الدين وحاجز في الملة فلا نوافقك على ما تقول {فاعمل} أي أنت على دينك {إننا عاملون} أي على ديننا {قل} يا محمد {إنما أنا بشر مثلكم} أي كواحد منكم {يوحى إليّ} أي لولا الوحي ما دعوتكم، قال الحسن: علمه الله تعالى التواضع {إنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه} أي توجهوا إليه بطاعته ولا تميلوا عن سبيله {واستغفروه} أي من ذنوبكم وشرككم {وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة} قال ابن عباس: لا يقولون لا إله إلا الله لأنها زكاة الأنفس، والمعنى لا يطهرون أنفسهم من الشرك بالتوحيد. وقيل: لا يقرون بالزكاة المفروضة ولا يرون إتيانها واجباً يقال الزكاة قنطرة الإسلام فمن قطعها نجا ومن تخلف عنها هلك، وقيل: معناه لا ينفقون في طاعة الله ولا يتصدقون، وقيل: لا يزكون أعمالهم {وهم بالآخرة هم كافرون} أي جاحدون بالبعث بعد الموت.